آخر الأخبار

الخميس، 26 سبتمبر 2013

ديوان /خيول مشاكسة/للشاعر ماجد الحسن يثير غبار الأسئلة ـ قراءة أولية ـ




بقلم ماجد البلداوي/
 مايثير الدهشة والاستفزاز في مجموعة خيول مشاكسة لماجد الحسن الصادرة عن سلسلة ثقافة ضد الحصار هو قدرتها على تثوير دلالات الأسئلة والسيطرة على تدفق الجمل الشعرية وشحنها بطاقة تعبيرية خفية.
إن حيرة تلك الأسئلة التي توجهها نصوص المجموعة للمتلقي إنما هي حيرة مشتركة تضع الشاعر والمتلقي على طرفي سؤال كبير وتستطيع المعاينة الدقيقة لنصوص/ ماجد الحسن ان تدلنا على مفاتيح تلك الأسئلة التي أراد لها الشاعر ان تشكل بنية الخطاب الشعري في تجربته المعتمدة على رؤية تجريبية يطرحها الشاعر لتفعيل حركة النص.. ذلك ان الشاعر كائن معرفي متغير/متطور/ يخاطب متلقيه بطرق اتصالية مبتكرة تتفاعل وتتعمق بنسيج لغوي واع.. واللغة بوصفها وسيلة أساسية لمنظومة الاتصال الفكرية المشتركة تجعله معنيا باختيار وسائله وطرائقة لتشغيل مفرداتها التي تتصل وتؤثر بالآخر وتقيم معه حوارا خفيا يعتمد الإشارات الدلالية اللغوية وطاقتها التعبيرية التي تدخل كمقتربات مقترحة لبنية الاشتغال الشعري:
الى متى ترابطين خلف حقائبنا
قد لاتنحني الأرض قليلا
ليمر سؤال القمح
 فهل نجح الشاعر عبر نصوصه في توصيل موضوعات قصائده/الأسئلة/؟
ان جوهر الأسئلة التي تثيرها/ خيول مشاكسة/ ينطوي على إشارات خاصة تخفي عمق خوفه من المجهول وانفعالاته وتوقه الدائم لإطلاق خيوله.. التي تتشكل كمعادل موضوعي لصوته المكبوت وسط هذا الحشد الصاخب من المتناقضات التي تغلف الإنسان ـ الشاعر وتجعله محفوفا مخاطر العزلة ـ القلق ـ الخوف ـ البحث وهي بلاشك مفاتيح سرية لهذه الأسئلة المحيرة التي هي صناديق محمة الغلق على أشيائه الخاصة.
 ان السؤال الثيمي الذي تثيره نصوص المجموعة يضعنا في اطار الصورة التي اراد ان يوصلها:
/كيف تتكور الأرض في سرير؟
من يمسك الخوف؟
لماذا يكون البكاء نطفة الألم؟
لماذا تركوني في طريق المرايا؟
أين سنمضي إذا انتصف الوداع؟
على أي شيء نعلق نسياننا؟/
 ويبدو ان تجربة الحرب التي شارك فيها الشاعر/ كمجند في إحدى الوحدات العسكرية/ تركت لآثار شظاياها النفسية في ذاكرته المفجوعة بانين الطلقات ودخان الملاجئ الكثيف.. اذ كانت حافزا له على الحرية .. حرية البوح الشعري..
 فقد استطاع استثمار عناصرها ومفرداتها وتوترها الى مصدر إثراء أعطى التجربة غنى وأمدها بكل وسائل التأثير والدفق الشعري الذي يميز نصوصه ليحيلها الى مناخات تتصارع فيها الأسئلة والأخيلة الوجدانية وتحتدم فيها خطوط العدسة عبر مشاهد درامية يرسمها بتقنية عالية.. وكأنه هنا يمثل خطا رسام ماهر...
 وربما يلجأ الى أسلوب السرد القصصي لقصيدته التي تنفست بارود المعركة لاجل ان يتسع المعنى ويتعمق الموضوع باكتمال اللوحة وصورة المشهد المتحرك الذي يؤكد قدرة المصور في السيطرة على عين الكاميرا والتحكم في تحريكها الى جميع الاتجاهات..
 وهكذا يتضح أمامنا فضاء النص ونشاط الجملة الشعرية المعتمدة على النسيج العضوي لأغلب موضوعاته في قصائد/ اشتراط وافق أسفل/:
/المدينة اوسع من ذاكرة الحرب
وأضيق من وقاحة الشظايا
ونبدو رائعين بالخدوش التي سيجت صدورنا
نلم وجوهنا وهي موزعة في الثقوب/
 وبرغم كل ماتركته الحرب من تجليات يبقى إصرار الشاعر على تأكيد ذاته وجبرته الهم الوحيد الذي يشغله.... فهو يحمل صورة المدينة ـ الوطن الذي تتحول الى هاجس يتوغل في أعماق ذاكرته.
 وتظل نقطة الجذب التي يمكن إحساسها والشعور بها من خلال الشحنة العاطفية التي تمنحها نصوصه وتثير فينا نزعة الفضول للبحث والاستكشاف.


نشرت في جريدة الثورة الملغاة  في عددها/9995/  يوم الأربعاء 12/ نيسان لعام2000



0 التعليقات :

إرسال تعليق