آخر الأخبار

الجمعة، 20 مارس 2015

مسيحيو العراق حمام السلام وسط شرك الموت والقساوة





/ماجد البلداوي/
بقي مسيحيو العراق بانتظار مصير مجهول بعد تهجيرهم من مناطق الموصل ومصادرة  مايسمى بـ»تنظيم الدولة الإسلامية داعش» لممتلكاتهم ويقول ناطقون باسمهم ان المسؤول عن سلامتهم وممتلكاتهم ومصيرهم هو حكومة بغداد والأمم المتحدة.
(كارثة بكل المعاني)
 هكذا وصف مسيحي عراقي فراره مع عائلته من الموصل حين علم بالمهلة التي حددها تنظيم الدولة الإسلامية، بعد تقهقر قوات الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية أمامه بخمس قرى وأقضية كانت آمنة، هي قرقوش وبرطلّة وباطنايا وخابات وقضاء الحمدانية شمال الموصل وشرقها، وهي مناطق أغلبية قاطنيها من المسيحيين.
وقال طارق توما بطرس (35 عاما) لقد جمعنا كل ما استطعنا جمعه من متاع وتوجهنا إلى المخرج الوحيد، كانت هناك نقطة تفتيش على الطريق وكانوا يوقفون السيارات هناك وحين اكتشف مسلحو التنظيم أننا مسيحيون صادروا ما معنا من ذهب ومال تحت تهديد السلاح».
ووفق المؤرخ بجامعة ميسان د. عبد الكريم علكم الكعبي فإن «تاريخ المسيحيين في العراق يسبق ظهور المسيحية حيث يرتبط بالآشوريين والكلدان والسريان الذين اعتنقوا المسيحية بعد ظهور السيد المسيح عليه السلام, وهم لم يجيئوا إلى العراق في القرن الـ11 كما يقول بعض المؤرخين, بل هم مواطنون أصليون ما زالت كنائسهم الكلدانية والسريانية تشهد على ذلك في مدن البصرة وبغداد والعمارة والموصل وغيرها».
 (مصادرة الممتلكات)
ويتساءل الكعبي في حديثه «كيف يجبر مواطنون عراقيون في ظرف مثل هذه على ترك منازلهم لمجرد أنهم مسيحيون أو إيزيديون» مشيرا إلى أن العائلات المسيحية طردت من منازلها وسرقت ممتلكاتها الثمينة ونهبت أملاكها باسم «الدولة الإسلامية».
ويضيف «هذا لم يحدث قط في التاريخ المسيحي أو الإسلامي، بل إن جنكيز خان أو هولاكو لم يفعلا هذا» لكنه يرجع ذلك إلى أن المتطرفين ليسوا أصحاب تاريخ، وعقيدتهم معروفة للجميع.
 (مسؤولية الحكومة)
ودعا رئيس طائفة المسيحيين الكلدان بمحافظة ميسان جلال دانيال توما كافة المسيحيين بالمناطق الساخنة بمحافظة نينوى وأطرافها إلى التوجه إلى محافظة ميسان أو البصرة أو مناطق الجنوب عموما لتوفر الأمن والأمان، والعيش فيها إلى حين عودة الأمن والاستقرار إلى المناطق التي هجروا منها.
من جانبه، قال الأب بسمان جورج ممثل كناس جنوب العراق إن «مسؤولية حماية المسيحيين وتاريخهم في بلادنا تقع على عاتق الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان والأمم المتحدة، ويتوجب إصدار قرارات حازمة تحول دون تهجير الأقليات القومية والمذهبية من مناطقها الأصلية تحت أي ذريعة كانت».
وأكد أن مسيحيي ميسان ينعمون بالأمن والانسجام والتعايش السلمي مع كافة مكونات المجتمع الأخرى، وأن كنيسة أم الأحزان بمدينة العمارة من أقدم الكنائس في جنوبي العراق.
 )مساعدات المسلمين) 
وبين الأب بسمان أن المسلمين في ميسان والبصرة قدموا مساعدات غذائية وعينية وصحية للعائلات المسيحية النازحة التي يبلغ عددها نحو سبعين عائلة، وهي من السريان والكلدان بالمحافظتين.
 (هدم مقامات الأنبياء والمراقد والكنائس)
ويشير الكعبي الى ان «الإرهابيين المسلحون  قاموا باستهداف وهدم مقامات الأنبياء ومراقد الأولياء والصحابة، وهدموها بالكامل لأنهم يعتقدون انها من  «البدع والمحرمات». وابرز تلك المراقد  والمساجد والمزارات مرقد النبي يونس ويُعد ذلك المرقد واحدا من أبرز ملامح السياحة الدينية بمحافظة نينوى و هناك روايات تقول إنه يضم رفات النبي يونس (الذي يقدسه المسلمون والمسيحيون واليهود) وكذلك تفجير جامع النبي «شيت» وهو مسجد تاريخي بني سنة 1057، ويقال إنه بني في المكان الذي دفن فيه شيت (ابن آدم عليه السلام(. فيما قاموا بتفجير جامع النبي «جريس» الذي يقع بمنطقة سوق الشعارين، وتشير بعض زخارفه وكتاباته إلى أنه يعود للقرن السادس الهجري.. كما فجروا مرقد الإمام السلطان عبد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب جنوب شرق الموصل
وتفجير مقام الإمام العباس في قرية الكبة التي تبعد 10 كم شمال الموصل إضافة لتفجير مسجدين في قرية شيخان العليا والسفلى الا ان الأنباء تتحدث عن اعتزام الإرهابيين لهدم جامع النوري ومنارته الحدباء، وهو ثاني أكبر جوامع العراق، ويعرف بالجامع الكبير، وقد بناه القائد الأتابكي نور الدين زنكي بالقرن السادس من الهجرة (قبل نحو تسعة قرون). أما منارته الحدباء (المائلة) فهي أعلى منارات العراق كما هدموا اقدم الكنائس في الموصل والمناطق التي وقت تحت سيطرتهم  ويرجع الكعبي هذه الأعمال المشينة الى ان الإرهابيين المتطرفين ليسوا أصحاب تاريخ وعقيدتهم معروفة للجميع، خاصة وأن ما فعلوه في سوريا أعطى صورة واضحة لما قد يفعلونه بالعراق وبالذات الموصل يهدف الى محو تاريخها الحضاري والديني وقتل وطرد طوائفها المتعددة  لأنهم مرتبطون وبحسب الدلائل بأجندات إقليمية ودولية.


 )ميسان تغيث النازحين)
ولأنها عرفت بتعايشها السلمي بين مختلف الأقليات والأديان... فرشت ميسان بساط محبتها لتقتسم رغيف الخبز  والمجتمع الميساني خليط متجانس من المسيحيين والصابئة المندائيين.
ويشير الباحث جاسب المرسومي:»أن المسيحيين بدأوا في السنتين الأخيرتين مشاطرة المسلمين مناسباتهم من خلال حياء طقوس الدينية المقدسة كملحمة الطف وينحرون الذبائح لتوزيعها بين المواكب الحسينية، لتأكيد ولائهم لموقف وتضحية الإمام الحسين بن علي عليه السلام. وحضور مجالس العزاء والأفراح ويقول ممثل طائفة المسيحيين الكلدان بالعمارة جلال دانيال توما:»  إن كنيسة أم الأحزان بمدينة العمارة هي أقدم الكنائس بالمنطقة الجنوبية من العراق حيث أنشئت عام 1880، وكنيسة مار يوسف تجاوران منازل مسلمين وصابئة.
ويضيف توما  أن المسيحيين والمسلمين والصابئة يعيشون معاً في وئام وتعاون وتسامح بمحافظة ميسان وهذا ما جعل آصرة المحبة والتعاون تقوى أكثر ، لذلك تجد الجميع يشاركون مع مكونات ميسان بمختلف مناسباتهم الدينية ويسهمون فيها وتربطهم علاقات مشتركة في عمليات البيع والشراء وكذلك الزواج في حالات نادرة.
 (قداس ووقفات  تضامنية)
وأقامت كنيسة أم الأحزان بمدينة العمارة وقفة تضامنية من خلال قداس شارك فيه العديد من المسلمين والصابئة المندائيين.
ودعا رئيس طائفة المسيح الكلدان في محافظة ميسان جلال دانيال توما كافة المسيحيين في المناطق الساخنة بمحافظة نينوى وإطرافها، إلى التوجه لمحافظة ميسان أو البصرة أو مناطق الجنوب عموما لتوفر الأمن والأمان والعيش فيها لحين عودة الأمن والاستقرار لمناطق سكناهم.
وقال: ان مسلحي تنظيمات داعش  سيطروا على بلدة قرقوش وهي أكبر بلدة مسيحية في العراق، فضلا عن أربع بلدات أخرى هي قرى قرة قوش وبرطلة وباطنايا وخابات وقضاء الحمدانية شمال الموصل   ما دفع آلاف المدنيين إلى النزوح منها هرباً من عمليات القتل إلى مناطق جنوب ووسط العراق واربيل في إقليم كردستان بينما تعرضت  سيدة وطفلين وحارس أمن إلى القتل في قصف بمدافع الهاون، و أن النازحين يسلكون الطرق ويستقلون مركبات للوصول إلى نقطة التفتيش في أربيل للدخول إليها... واصفا وضعها  بالكارثي.
وطالب  بحماية المسيحيين وإيقاف محاولات محو تراثهم وتاريخهم وهدم دور عبادتهم ، مشيرا الى ان الصمت إزاء هذه الجرائم لم يعد ممكنا ، بل ان السكوت عنها يعد جريمة أخرى لان مسؤولية حماية المسيحيين تقع على عاتق الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان والأمم المتحدة ويتوجب عليهم إصدار قرارات حازمة تحول دون تهجير الأقليات القومية والمذهبية من مناطقها الأصلية تحت أي ذريعة كانت».
واكد ان مسيحيي ميسان ينعمون بالأمن والانسجام والتعايش السلمي مع كافة مكونات المجتمع ، مشيرا الى ان الحكومة المحلية تعهدت بتامين كافة الاحتياجات للأسر النازحة في حال قررت التوجه الى مدينة العمارة.
بينما شهدت كنائس بغداد والبصرة إقامة قداسات تضامنية رفع خلالها المسلمون في القداس لافتات كتب عليها «أنا عراقي أنا مسيحي» وكتب البعض عبارات على ملابسهم، ومنها حرف النون الذي ميز به بيوت المسيحيين ليستولي عليها الإرهابيون.
ويقول مدير جمعية الهلال الأحمر في ميسان حيدرحسين الجوادي «إن المحافظة تشهد توافد أعداد كبيرة من النازحين المسلمين والمسيحيين والشبك, فهي محافظة الجميع، ولا فرق بين أبنائها مهما كانت دياناتهم، فالجميع تصلهم المساعدات ويعيشون حاليا في المدارس والدوائر والكنائس».
ويضيف الجوادي في حديثه أن «عدد الأسر النازحة بلغ حتى الآن نحو ألف ومئة وخمسين  عائلة، وتقدر بنحو 4500 فرد بينهم تركمان وأكراد أيضا هجّروا من الموصل وصلاح الدين وكركوك وديالى والأنبار، ويجري إنشاء مخيم شامل من البيوت مسبقة الصنع لجميع النازحين لنقلهم من المدارس والخيام والكنائس بغية شمولهم بالدعم المالي.
 وبحسب مدير الهجرة والمهجرين جبار عليوي انه  تم تسجيل 921 عائلة بصورة رسمية ولازلنا نقوم بتسجيل العدد الأخر  ويتم  اعداد تقارير وصفية عن طبيعة ومشاكل هذه العوائل  من خلال الجولات ميدانية لتحديد احتياجاتها ورفعها الى الوزارة والحكومة المحلية لشمولها بالمنح المالية بواقع  مليون دينار لكل عائلة وفق وجبات مع تزويد النازحين بشراء مواد اغاثية بمبلغ /100/ مليون دينار التي تضمنت 275 مبردة و50 ثلاجة و500 منذر و20 طباخ و61 حصير و20 مروحة سقفية وتجهيزهم بالف وجبة غذائية ساخنة للعوائل التي تم اسكانها ضمن دار ضيافة المحافظة والمدارس الأخرى مع توفير المياه الصالحة.
فيما تم  إلحاق موظفي الدوائر المماثلة  وطلبة المدارس بعد تزويدهم بكتب تأييد لغرض إلحاقهم في المدارس والكليات  إضافة الى تزويد 21 عائلة بكتب تأييد للحصول على جواز السفر والتنسيق مع فرع وزارة التجارة في المحافظة لتزويدهم بقاعدة بيانات للعوائل النازحة لشمول 363 عائلة بمفردات البطاقة التموينية بعد نقلها الى المحافظة.



0 التعليقات :

إرسال تعليق