آخر الأخبار

الاثنين، 1 يناير 2018

إطلاق العيارات النارية العشوائية وجدلية التقليد وثقافة الوعي وإجراءات القوات الأمنية




تقرير ماجد البلداوي
أصبحت عمليات إطلاق العيارات النارية في المناسبات بشكل عشوائي في العراق، حدثا تقليدا شعبيا لايمكن الاستغناء عنه على الرغم من النداءات الكثيرة، الرسمية والشعبية، التي تستهجنها وتطالب بمنعها وردعها ، ولكنها في استمرار وتواصل وازدياد وطالما يكون هناك العديد من الضحايا الذين يتساقطون بسببها وتمتلئ بغيرهم المستشفيات، وهذه العادة ليست لها مناسبة خاصة فهي في الافراح تمارس وفي الاحزان ، أي في الاعراس تجد الاسلحة تبرز وتعلن عن وجودها بلعلعة الرصاص ، وفي المآتم تحضر بقوة كنوع من التباهي لاسيما في التشييع للموتى ، بل ان الفوز في مباراة كرة قدم او الخسارة فيها اصبحت سيان في اطلاق العيارات النارية الكثيفة مما يتطلب  دراسة هذه الحالة والوقوف على إرهاصاتها .

تابعمن هذا الموضوع واستقرأنا عدد من أصحاب الشأن لمعرفة جدية السبب وتداعياته.
(غياب الأمن والقانون  الرادع وراء المظاهر السيئة)
يقول الباحث النفسي والاجتماعي الدكتور عبد الكريم الموزاني:  أن ظاهرة إطلاق العيارات النارية هي  أسوأ عادة موروثة ، لان أجدادنا اعتادوا في أفراحهم وأتراحهم ان يطلقوا الرصاص لإعلام الآخرين بوجود مناسبة لديهم، وانتقلت هذه العادة بشكل كبير بالمناسبات ، حتى صارت لغة الرصاص هي المعبر الوحيد عن الفرح والحزن ،
 في ظل غياب الأمن والقانون  فغياب القانون الرادع وراء هذه المظاهر السيئة التي يذهب ضحيتها الأبرياء بسبب رصاصهم الطائش.
 واضاف : اليوم نعيش غيابا حقيقيا للدولة وهذا يعني تحصيل حاصل فقدان القانون الذي يتجسد بوضوح في غياب الامن والنظام ، كما قلت يجسد ظاهرة المجتمع المتخلف وللاسف اننا ابناء حضارة وامة علمت الأمم الدرس الأول في القانون ، فالمواطن وحتى وهو يطلق النار في الافراح انما يتنفس من خلاله لانه عاش دهورا من القمع والتهميش.
 ويري  الكاتب والإعلامي  مؤيد الساعدي: هنالك إجراءات منها وقائية أمنية وأخرى توعوية تتعلق بتغيير سلوك المواطن ، القوات الامنية المحلية ملزمة بملاحقة مطلقي العيارات النارية سواء بالمناسبات العامة أو الخاصة ويجب ان ينال المخالف جزاء قضائي و يكون تحت طائلة القانون ، وهنا يجب ان تكون أدوات رصد المخالفين فاعلة و سريعة و الاعتماد على دعم وتعاون المواطنين من خلال الاتصال والإبلاغ عن المخالفات بعد نشر أرقام الهواتف المخصصة لهذا الغرض و بذات السياق فان الشرطة المجتمعية وبالتعاون مع المؤسسات المدنية معنية بالتحذير من خطر الطلق العشوائي من خلال عقد الندوات و اللقاءات في المناطق التي تتكرر بها حالات الاطلاقات النارية يرافقها لافتات و بوسترات توعية وبرامج تطلق عبر وسائل الإعلام المختلفة ويجب ان تتضمن الحملة إحصائيات وزارة الصحة حول حالات الإصابة والوفيات نتيجة هذا السلوك غير الإنساني الشرطة المحلية ملزمة ايضا باصدار نتائج شهرية للمؤسسات الإعلامية و الرأي العام حول عدد المخالفين و الملتقى القبض عليهم و المحالين للقضاء نتيجة إطلاق النار العشوائي.
(إجراءات وقائية وتوعوية تتعلق بسلوك المواطن)
واضاف:" مهما كانت المناسبة وأي كان نوعها لان الفرح والتعبير عنه له 100 طريقة وليس بالضرورة هذه الطريقة العدوانية والخطرة ، التعبير عن الفرح والحزن حالة لا إرادية ترتبط بسلوك الإنسان و أخلاقة وما اثار انتباهي هي الاطلاقات النارية (طلقات الرشاش) فيعتقد البعض ان اطلاقها هي وسيلة للتعبير عن الفرح وعند بعضهم هي مقياس الرجولة في حين لا يعرف هذا الشخص بان اطلاق الرصاصات تؤدي الى مشاكل كثير تؤثر على الناس وعليه وهذه المشاكل تسبب مصدر ازعاج للناس الساكنين وغير المحتفلين يعني هناك ناس كثيرون يتضررون بهذه الاطلاقات العشوائية ، وعليه لابد من الالتزام بالتعبير عن الحب والفرح بالطرق الحضارية والجميلة وليس بهذه الطريقة العدوانية ومحاسبة الغير على هذه التصرفات العدوانية والتي تنمي عن جهل وعدم تطور .
 أما الإعلامية  إيمان قاسم  اللامي فقالت : أنا اعتبر اطلاق العيارات النارية ظاهرة غير حضارية وهي دليل على عدم وعي الشخص لان الفرح والحزن لا يترجم بإطلاق العيارات النارية ، فهناك أمور كثير نستطيع من خلالها ان نعبر عن مشاعرنا سواء في الحزن او الفرح ، فهناك من يعتبرون العيارات النارية تعبير عن فرحه لذلك يطلقونها ، اما في الحزن فهم يعتبرون العيارات النارية ظاهر لانتشار خبر الوفاة وهذا حسب اعتقادي اسلوب غير صحيح لان ضرره اكبر من نفعه ان وجد فيه نفع .
وأضافت : انا اعتقد ان للاعلام دورا مؤثرا في هذه القضية وعينا كإعلاميين ان نقوم بمساندة السلطات من اجل التنبيه الى السوء الذي تجلبه هذه الظاهرة واعتقد ان قتل انسان جريمة حتى وان كان القائم باطلاق الناري لايدري فهذا يعفيه من المسؤولية امام الله.
 من جهته يرى الباحث في شؤون العشائر عبد المحسن العقبي:  أنها جزء من العادات والتقاليد العراقية ولان العراق يغلب عليه الطابع العشائري فيعتبر امتلاك المواطن العادي لسلاح ناري في منزله مبعث فخر وعز ودلالة على شجاعته ويستخدم السلاح في مناسبات الافراح والاحزان لاطلاق العيارات النارية ابتهاجا او حزنا والمعروف لدى العشائر العراقية انها تطلق العيارات النارية عند تشيع جثمان زعيم العشيرة او اي شخص مهم فيها تعبيرا عن مكانته وشجاعته بين عشيرته وباقي العشائر الأخرى ,وهذا مايطلق عليه عند الجنوبيين (بالعراضة) والتي تتخلها القاء الأهازيج الحماسية لبيان اخلاق وصفات المتوفي اذا كان زعيم عشيرة او شخصية مهمة كما تشارك العشائر الأخرى التي تاتي على شكل اعداد غفيرة يتقدمها شيخها ووجوه العشيرة لتشارك في العزاء من خلال القاء الأهازيج وإطلاق العيارات النارية.
وأضاف:"وتطور هذا الأمر في ثمانينيات القرن الماضي حين اصبح في كل منزل عراقي هناك قطعة سلاح ، وكان يستخدم في إطلاق العيارات النارية أثناء تشيع جثامين العرقيين الذين قتلوا في الحرب العراقية الايرانية ،وكذلك في حفلات الافراح مثل الاعراس وختان الأطفال ،ونتيجة لزيادة حوادث اطلاق العيارات النارية
(الظاهرة وتأثيرها على السلم المجتمعي)
ويقول الكاتب والباحث الإعلامي جمعة المالكي: ان ظاهرة الرمي العشوائي في ميسان آثار المشكلة ادة هذه الظاهرة الى التأثير على السلم المجتمعي في المحافظة وإثارة الرعب والخوف بين الأهالي. وأدت الى سقوط عدد من الضحايا وإصابة عدد من الممتلكات وبالخصوص المركبات الخاصة.
 واضاف:" ان أسباب المشكلة هو ضعف أداء القوات الأمنية وكثرة الأسلحة المتوسطة والخفيفة وصارت في متناول أيدي المدنين الأمر الذي أدى ضعف أداء القوات الأمنية وفرعنة العشائر وأصبح نفوذها اقوى من نفوذ الدولة  فضلا عن  تدخل الأحزاب السياسية والحركات المتنفذة بعمل القوات الأمنية.

(تطبيق القانون وسحب الأسلحة ومحاسبة من يطلق النار في المناسبات)
 ويرى ان المعالجة تكمن في تطبيق القانون وبشكل صارم و سحب الأسلحة والضرب بيد من نار على كل من يطلق النار في المناسبات وكل من يزعزع امن المحافظة وضرورة احترام عناصر القوات الأمنية ومحاسبة وبشدة كل من يحاول تهديد القوات الأمنية أثناء الواجب. وأهمية اختيار قيادات امنية كفوءة ونزيهة وبعيدة عن الإنتماء الحزبي وتتمتع بحيادية وشجاعة من اجل خلق ارضية انسجام بين المحافظ وقائد الشرطة وسحب كل عناصر الشرطة المفرغين مع أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس المحافظة.
اما الباحثة الاجتماعية نجاة عبود : ان هذه الظاهرة استفحلت بشكل مباشر
بعد سقوط النظام المقبور صدام  وانتشرت الأسلحة التي نهبت من مخازن الجيش والفرق الحزبية وأصبح  أكثر من قطعة سلاحة وبدا عملية اطلاق العيارات النارية في الافراح والاحزان وبشل كبير ،حتى سقط عدد من الضحايا في العراق أثناء عمليات الرمي العشوائي ورغم بعض الإجراءات القانونية والغرامات التي اتخذتها بعض المحافظات الا ان الكثير لا زال يطلق العيارات النارية ،فمثلا ان الحكومة المحلية في ميسان شرعت قانون بفرض غرامة مالية قدرها مليون دينار على من يطلق العيارات النارية وكذلك صدرت فتاوى لرجال الدين تحرم اطلاق العيارات النارية لماتسببة من اذى للمرضى والأطفال وتسبب في حالة وفاة.
 وأضافت : ان الشخصية العراقية انفعالية ، ولطلاق العيارات النارية هو اقصى حالات التنفيس الانفعالي ، واعتقد ان الذين يطلقون العيارات يستمتعون في ذلك ويجدون فيه تعبيرا عن الفرح ، وحتى لو صدر قانون فلن يقضي على الحالة وسوف يستعمل اسلوبا أخر كما يجب ان لا تكون التوعية في المناسبات فقط بل ان نولي المسألة تركيزا إعلاميا شديدا ، ان نقول بشكل مباشر لمن يطلق الرصاص : هل تذهب الى جهنم لقتلك انسان لانك تريد ان تعبر عن فرحك لذلك تعتبر المسألة تضافرية بين الحكومة والاعلام ./ انتهى

0 التعليقات :

إرسال تعليق